"أهل البيت" و"آل محمد"
ثلاثة مصطلحات بينها تداخل وتطابق وتفارق هنّ :
أهل البيت
ءال محمد
ومصطلح مركب منهما هو ءال البيت.
أطلق مصطلح أهل البيت مرادا به أهل بيت النبوة في القرآن الكريم مرتين الأولى في خطاب سارة زوجة إبراهيم
والثانية في خطاب زوجات النبي
ورضي عنهنّ.
فأحق الناس بالاتصاف بصفة أهل البيت مع الأنبياء هم زوجاتهم، بدليل الخطاب القرآني.
ولم يكن من العرب ومن يفهمون عادات العرب في خطابها من يشك في ذلك حتى
انتهت المئة الأولى فقاد الفرس لاشعورهم الكظيم وقد استعبدوا من قبل من
يستصغرون شأنه، أن يختطفوا دين العرب من العرب فقاموا باصطناع مفارقة بين
أسرة النبي
وبين الأمة التي أنجبتهم. وسار ضمن هذه الفكرة أن يجعلوا الآية التي تخاطب النساء إنما هي لغيرهن، وليس فيهن.
ولأن الفرس عجم فقد استطاعوا إقناع أنفسهم بسهولة أن الخطاب لو كان للنساء
لكانت "عنكن" لا عنكم، على حين يعرف كل عربي أن اللغة تخاطب الجماعة
المشتركة بين الإناث والذكور بخطاب الذكور، ولذلك قال الله تعالى على لسان
الملائكة لسارة زوجة إبراهيم رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت لدخول
إبراهيم معها، ولو خاطبها مفردة لقال عليكـ.
ما كان مثل هذا الكلام
ليقال لو لم تنشأ الأيديولوجيا الفارسية في نهاية المئة الأولى كما قال ابن
المرتضى اليماني في طبقات المعتزلة وهو شيعي زيدي معتزلي :"وأما الرافضة
فحدث مذهبهم في نهاية المئة الأولى فإن زعموا أن عمارا وسلمان كانوا سلفهم
على ذلك أكذبهم أن هذين لم يظهرا البراءة من الشخين ولا السب لهما ألا ترى
أن سلمان كان عاملا لعمر بن الخطاب على المدائن وسلمان على الكوفة". فجرى
التاريخ بالأيديولوجيا الفارسية الإمامية على نحو خاص اضطرت إلى ليّ النصوص
القرآنية عن سياقها.
ومما تسرب إلى الإمامية من النصيرية أن حرفوا اسم
أبي طالب من "عبدمناف" كما هو في الواقع، إلى "عمران" لتصبح :"إن الله
اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين " أي من عدهم الفرس
أئمة من بني أبي طالب عمرانهم. أما النصيرية ففي قصيدة النعمان التي نشرها
عارف تامر فيعدون النبي "ذا الكفل" هو أبا طالب لكفالته النبيّ
.
المصطلح الثاني هو آل محمد: وهذا مصطلح تحدده مكونات معنى جزئية هي
[نسب][ولاء اجتماعي][ولاء ديني] ولكل من هذه المعاني الجزءية مرجعيته من
النصوص.
النسب وحده لا يكفي بدلالة خروج أبي لهب من آل محمد رغم أنه عم النبي
،
ولم يحظ أبناء أبي لهب بمكانة اجتماعية تليق بقربهم من النبي في المجتمع
الإسلامي واضطروا فيما بعد إلى الذوبان في بني هاشم الباقين لعار أبيهم غير
المحتمل.
فلا يكفي مكون النسب أن يعد شخص ما في آل محمد.
المكون الثاني هو الولاء الاجتماعي فهذا إذا اجتمع مع النسب كون خصوصية داخل آل محمد، نعرف ذلك من قول النبي
"إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد" فعلى الرغم من أن أبناء عبدمناف هم
هاشم والمطلب ونوفل وعبدشمس إلا أن النبي خص بني المطلب بأنهم لهم ما لبني
هاشم من الحقوق والاعتبار. وذلك لاجتماع النسب الذي لا يكفي وحده مع الولاء
الاجتماعي في عصر الرسالة.
المكون الثالث وهو أعم من المكونين
الباقيين وشرط لهما، وهو الإسلام والولاء الديني، فيدخل الرجل في آل محمد
على العوم بمجرد دخوله في الإسلام، وهذا معنى قولنا في الصلاة "اللهم صل
على محمد وعلى آل محمد" فإن نية المسلمين تنصرف إلى كل من اتبع النبي فيما
جاء به من الهدى والخير، وقد دلت الآيات والأخبار على هذا المذهب، من مثل
قوله تعالى
ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب
فهي تعني (فرعون وهامان وجنودهما).
وعليه يكون مصطلح آل محمد عموم وخصوص فالعموم هو كل المسلمين والخصوص هم
المسلمون الذين لهم صفات أخرى مع إسلامهم وهي صفات النسب والمصاهرة.
وكان بنو هاشم والمطلب في المدينة في القرنين الأول والثاني الهجري يسمون
أنفسهم ويسميهم الناس "آل محمد" وكان أكبر فخذين في آل محمد في نهاية المئة
الآولى بني عليّ وبني العباس، وكانوا يتصاهرون ويحبون بعضهم حين كانوا ضد
بني أمية فلما أسقطوا بني أمية اصطرعوا من جديد على السلطة، وورد في خطابات
أبي جعفر المنصور في الطبري "إن أهل بيتي من بني عليّ يزعمون أن لهم في
هذا الأمر حقا بنسبهم، وهم ليسوا بأبناء النبي فهو لم يخلف ولدا ولكنهم
أبناء بنته ونحن أبناء عمه"
أما صطلح "آل البيت" فهو مصطلح لم يرد لا في قرآن ولا في أقوال النبي
ولا سيرته لأنه مصطلح مركب من آل محمد ومن أهل البيت،
لماذا يدعو الفرس إلى آل البيت؟
منذ أن تقنع الفرس بما حصل لنكبة أسرة النبي
في مأساة الطف الشهيرة صار لديهم مزج بين نكبتهم بسقوط دولتهم ونكبة اسرة
النبي بتقتيل رجالها واقتياد النساء كالأسيرات إلى الشام، فوظفوا هذه
النكبة للعن الشعب الذي أسقط دولتهم وسعوا معاجزين إلى اختطاف دين محمد من
أمة محمد.
من يلق لمحة على الفن الإيراني المعاصر يجده يرسم صورة النبي
وهو يرفع يد عليّ ليكون خليفته ووصيه أمام الشعب العربي والشعب العربي
بأكلمه يعصي لأن عصيان الأمر الإلاهي وحده هو ما يبرر لفرس أن يكرهو مسقطي
دولتهم دينا. وحين تقول لهم إن هذا الشعب قد قبل وصية أبي بكر لعمر سنة 634
م أي بسنيتين بعد وصيتكم المزعومة لا يعبأون برد الخبر دراية لأنهم قد
قدموا الإيمان على العقل منذ البداية، فالفارسي يناقشك ويحاورك ولسان حاله
يقول لك "هات من الآخر، أنت ملعون غير طاهر ما دمت عربيا لا تصدق رواية
الفرس التي تخوّن العرب وصية نبيهم جهارا "
من الحقائق التاريخية
الكبرى كره الفرس للشعب الذي أسقط دولتهم وعجزهم عن التصريح بهذا الكره إلا
من خلال التقنع بمصيبة الطف وما ينسبه إليها الفرس من أساطير.
لقد امتزجت المصيبتان وتداخلتا بحيث يصعب فك تداخلهما. بهذا المعنى أصبح
التشيع الإمامي فارسيا بامتياز، لا نقول صابا في مصلحة الفرس لأنا نرى أن
مصلحة الفرس هي في أن يتصالحوا مع التاريخ وأن يحبوا العرب، لكن التشيع
الإمامي أصبح منفس الفرس عن حقدهم على العرب.
لا توجد ظاهرة شبيهه
للقناع الفارسي بمصيبة الأسرة الطاهرة في التاريخ ولذلك يصعب تفهيم الناس
العاديين من المنفعلين بتراجيديا الطف (الشيعة) أن الحسين قد أصبح فارسيا
منذ أن وظفت ثورته ومصيبته للتنفيس عن حقد الفرس على العرب.
واجب العرب
اليوم من أهل السنة وغيرهم هو استعادة الحسين إلى شعبه الذي أنجبه وسحب
البساط من تحت الفرس الإمامية حتى يعودوا الى الأمة التي استقلوا عنها منذ
ألف سنة.
والله الموفق